أنشأ الصفحة ب'و أما الميدوب فهم سكان جبل يحمل نفس الاسم و يقع في الركن الشمالي الشرقي من دارفور على بعد أربع...'
صفحة جديدة
و أما الميدوب فهم سكان جبل يحمل نفس الاسم و يقع في الركن الشمالي الشرقي من دارفور على بعد أربعمائة ميل من مدينة الخرطوم الحالية، و 350 ميلاً جنوب غربي بلدة الدبة، و تعود جماعة الميدوب إلى أصل نوبي حيث أنهم يتكلمون لغة تشبه لغة النوبيين، مما يرجح أن هجرتهم أتت من بلاد النوبة إلى منطقة جبل ميدوب". ا.هـ.
و قد أشرنا سابقاً لصلة تربط بين الميدوب في دارفور، و النوبة الشماليين القاطنين على نهر النيل، و تشترك معهم عناصر نوبية أخرى تقطن جبل الحرازة في شمال إقليم كردفان، الذي يحتل موقعاً وسطاً بين المناطق الواقعة على نهر النيل و إقليم دارفور فكان الشمال الكردفاني بمثابة محطة للعبور من دنقلة و إلى دارفور و العكس صحيح، عندئذ نجد عناصر تتواجد في كردفان، تشترك في الأصل مع نوبة دنقلة شرقاً و نوبة دارفور غرباً، و نجد مثل تلك الآراء عند هارولد ماكمايكل صاحب كتاب History of Arabs in the Sudan، إذ يقول (1/28):
Now it is certain that in past centuries Danagla from the Nile have settled at el Haraza, and fresh colonies have joined the older ones within recent years. It is also believed by the people of Gebel Midob in Darfur, about 140 miles west of the Wadi el Melik, that their ancestors were Mahass and Danagla from the Nile, and, as Professor Seligman has pointed out, there are very close linguistic resemblances between a list of their numerals which I collected in 1912 and those of the Barabra on the river.
و معنى النص السابق أنه: "من المؤكد أن دناقلة في القرون الماضية من نهر النيل قد استقروا في الحرازة ( في كردفان )، ومستعمرات جديدة نشأت و انضمت إلى القديمة في السنوات اللاحقة. كما يعتقد سكان جبل ميدوب في دارفور، الواقع على بعد حوالي 140 ميلاً إلى الغرب من وادي الملك –الذي يصب في النيل عند منطقة الدبة جنوبي دنقلة-، أن أسلافهم كانوا من المحس و الدناقلة القاطنين على نهر النيل، و كما أشار البروفيسور سليغمان إلى أن هناك تشابهاً لغوياً وثيقاً جداً بين قائمة من الأرقام الخاصة بهم والتي جمعها ماكمايكل عام 1912م، وتلك التابعة للبرابرة على النهر".
و مصداقاً لمسألة التشابه اللغوي التي أشار إليها ماكمايكل بين الميدوب و البرابرة، فإن صاحب العينة عدد لنا بعض الكلمات التي تتشابه بين لغة الميدوب و لغة الدناقلة النوبية، في دلالة على وجود صلة بين الدناقلة و الميدوب.
يذكر ماكمايكل في كيفية وصول الميدوب إلى منطقتهم الحالية و طريق هجرتهم فيقول (28-29): Emigrant Barabra may have reached Gebel Midob by way of el Haraza and Kaga, or more probably by way of the Wadi el Melik. But if Barabra from Korti and Debba, which are between the third and fourth cataracts and only a few miles from the pyramids of Barkal, could settle at el Haraza, as we know they did, and at Midob, as we may be fairly sure they did, there is no reason to deny the probability of corresponding movements along the same lines in the opposite direction at other times, and I am strongly inclined to think that the Nobatae were once lords of the Bayuda and the country south of it and that their negro ancestors may have previously ousted the Libyan races therefrom, or, more probably, become fused with them in race.
إن البرابرة المهاجرين ( النوبة ) ربما وصلوا لجبل ميدوب عن طريق الحرازة و كاجا -في شمال كردفان-، و يحتمل سلوكهم وادي الملك -الذي يقطع أرجاء من شمال كردفان أيضاً-، و إذا ما علمنا أن البرابرة –سكان النيل- من كورتي و الدبة ما بين الشلال الثالث و الرابع على بعد أميال محدودة من أهرامات البركل، و أنهم قد استقروا في الحرازة كما هو معلوم لدينا، و أيضاً في منطقة الميدوب كما نعلم ذلك بشكل ما، فإنه لا سبب لدينا لنفي وجود احتمال حركات مماثلة على نفس الخطوط و لكن بشكل معاكس في أزمان أخرى، و أنني أميل إلى أن النوباط كانوا في زمان ما أسياداً على صحراء بيوضة و المنطقة جنوبها، و أن أسلافهم الزنوج قد طردوا في وقت سابق العناصر الليبية من هناك، و ربما أنهم انصهروا معهم. ا.هـ.
أما النوباط -أو النوبات في تسمية أخرى- الذين ذكرهم ماكمايكل، فلقد ذكرناهم في موضوع ملوك دنقلة و قلنا أنهم شعب قديم قطن أرجاء غربية من النيل في جهات واحات الخارجة –التي تقع اليوم جنوب مصر-، و قد أنشؤوا مملكة نوباطيا و التي أصبحت في زمان لاحق جزءاً من مملكة المقرة النوبية الشمالية، ليصبح مليكها حاملاً للقب نائب الملك المقري، أو أبرخص نوباطيا و غير ذلك من تسميات مررنا عليها سابقا.
و يقول د. بركات الحواتي: "ويشير المؤرخون كذلك مثل بروكوبيوس "545م" وغيره من الباحثين السريان إلى مجموعة أخرى، استقرت في الرقعة –النوبية-، دخلتها من واحات شمال أفريقيا، بالتحديد من الواحة الخارجة، عرفت باسم النوباط عندما قام الإمبراطور الروماني دقلد يانوس "204 ـ 305م" بتهجيرها من موطنها من الواحات الغربية "الخارجة" لتسكن في المنطقة الواقعة جنوب الشلال الأول، لتكون حاجزاً بشرياً يؤمن حدود مصر الجنوبية". ا.هـ. (انظر: مقالة "إنسان الرقعة" - دراسات في الذاتية السودانية، د. بركات موسى الحواتي )
و نجد عند المؤرخ و الخبير بالتاريخ السوداني القديم د. أحمد إلياس حسين ذات الأمر في الربط بين النوباط –أو النوبات-، أهل النوبة السفلى، و سكان المناطق الغربية من النيل، و منها الواحات الخارجة، إذ يقول عنهم: "وقد اتفق المؤرخون أن النوباتيين أتوا من الصحراء الغربية سواء من منطقة الواحة الخارجة المقابلة لصعيد مصر شمال غربي مدينة أسوان، أو من المناطق الصحراوية الواقعة جنوبيها. ويرى بدج كما ذكر ماكمايكل (ج 1 ص 25) أن النوباتي قبيلة بدوية قوية، كان موطنها الأصلي في القرن الثالث الميلادي كردفان ودارفور، وعندما استدعاهم الرومان كانوا قد انتشروا شمالاً حتى الواحة الخارجة. فهم بذلك نفس سلالة النوبا الذين رأينا وجودهم في منطقة كردفان ودارفور قبل القرن الثالث قبل الميلاد، ويحملون نفس الاسم تقريباً. وهم نفس سلالة النوبا الذين انتشروا في مملكة مروي كما في نقش عيزانا.
ويبدو انتشار قبيلة النوباتيين على طول المنطقة ما بين كردفان ودارفور والواحة الخارجة مقبولا، أولاً لأن اسم النوباتي أو النوبا هو اسم عام يضم سكان المنطقة كلها فيصدق على القبائل في دارفور أو كردفان أو المناطق الشمالية حتى الواحة الخارجة. وثانياً كانت تلك المناطق في ذلك الوقت لا تزال تتمتع بقدر معقول من المطر والمياه الجوفية والسطحية مما وفر وسائل الحياة والتجول. وثالثاً لا تزال صلات سكان النيل حتى العصر الحديث قوية بالمناطق الغربية ويتضح ذلك في تراث بعض القبائل في المنطقة والذي ربط تحركاتهم من النيل مثل تراث قبائل القرعان والتبو والتنجر." ا.هـ. (انظر: سلسلة "حول أصول سكان السودان"، د. أحمد الياس حسين، حلقة 14، صحيفة سودانايل الإلكترونية).
و عودة لإفادة ماكمايكل الأخيرة عن هجرات البرابرة ما بين دنقلة و دارفور مروراً بكردفان، فهي تذكرنا بما قلناه سابقاً في موضوع ملوك دنقلة، إذ ذكرنا أنه:"وجدت علاقة قديمة بين نوبة النيل، و بعض سكان واحات الصحراء غرب النيل، تمثلت في نزوح نوبة النيل باتجاه الصحراء غرب دنقلة في حالات الحرب، و من جانب آخر، فقد وجدت علاقة أقدم تمثلت في أن أصل قسم كبير من النوبة سكان النيل إنما يرجع للمناطق غربي النيل، فهي إذن علاقة ذات اتجاهين تمتد منذ أقدم العصور و حتى نهاية الممالك النوبية على النيل." و كانت تلك الفقرة تحديداً في وصف كيف أن أسلاف آل كشكش قد اتجهوا غرباً لما هزمت جيوشهم، و قتل ملكهم عبد الله نشلي برشنبو، على اعتبار أن المنطقة الواقعة غرب النيل كانت تشكل عمقاً استراتيجياً للنوبة، يلجؤون إليها في مرات عند نشوب الحروب و النزاعات، و قد دللنا على ذلك من خلال بعض الحوادث المذكورة في كتب التاريخ. و يذكر العالم بالتاريخ النوبي و الخبير الأثري د. أسامة عبد الرحمن النور في ذات الشأن: "ليس مستبعداً أن يكون أفراد الأسرة المالكة هروباً من الأعداء وجدوا مع القيادات المقربة منهم ملجأ آمناً في مكان ما إلى الغرب من النيل في شمال كردفان أو حتى دارفور. مثل تلك الفرضية كان قد تمَّ طرحها من قبل آركل محاولاً تدعيمها بالرجوع إلى بعض التقاليد والتحدارات الشفهية المتوارثة لدى بعض المجموعات الإثنية في تلك المناطق النائية عن مروي والتي تشير إلى أنهم أتوا إلى مكان إقامتهم الحالي بقيادة ملكة تم دفنها في مقبرة تلية ضخمة في جبل كبويَّة. في شمال كردفان تم الكشف عن مخربش كتب باللغة النوبية القديمة بأحرف إغريقية ورد فيه ذكر كوش، وهو ما يؤكد على أن ذكرى كوش لم تتلاش حتى بعد انهيار مروي. وفي أبى سفيان وجدت أواني من النوع المميز لمصر في عصر البطالسة وبقايا مبانٍٍ لما يحتمل أن يكون أطلال هرم شيد بالطوب غير المحروق. وجدت أطلال أخرى في وادي الملك في زنكور". ا.هـ. (انظر: مجلة الآثار السودانية (أركماني)، العدد الأول، أغسطس 2001، حلقة: رؤية مجددة في تاريخ كوش الثقافي – 8) فإذن و من خلال ما استعرضناه من خلال النصوص و النقولات أعلاه، نجد أن الميدوب يمثلون فرعاً أساسياً للنوبة سكان السودان الشمالي القدامى، و لا يزال الوجدان الداخلي و نفسية الميدوب ترنو لتلك الصلة في دلالة على عمق العلاقة التاريخية بينهم و بين نوبة النيل شرق بلادهم.
و نرى مؤرخين آخرين من العرب المسلمين قد ذكروا بعض مدن النوبة الغربية و أخبارهم، و منهم ابن حوقل، و الإدريسي، و ابن سعيد الأندلسي، و الأخير ينقل عنه فانتيني في كتابه تاريخ المسيحية في الممالك النوبية القديمة (ص118): "و روى ابن سعيد الأندلسي السابق ذكره الكثير عن أخبار البلاد الواقعة غرب النوبة و علوة، و هي مناطق كردفان و دارفور و كانم و غيرها في تشاد، و أوضاعها الجغرافية إلا أننا نشك في دقة أخباره، و قد قال: "أن بعض أمراء النوبة قد هربوا من شاطئ النيل خوفاً من الباعوض و غيره من الحشرات المضرة بالإنسان و الحيوان إلى مناطق تاجوه و كانم و تملكوا فيها". و إذا صح هذا القول فإننا نستنتج منه الصلة القوية في بعض اللغات و العادات و التقاليد و الطقوس المشتركة في المناطق الغربية و المناطق النيلية و ربما يصير هذا الخبر و ما استنتجناه منه ضوء لمعرفة الكثير عن تاريخ بلاد النوبة النيلية و تاريخ بعض القبائل بدارفور". ا.هـ.
و يورد فانتيني بعض مظاهر تلك العادات و الطقوس المشتركة بين النوبة على النيل و بعض قبائل دارفور، فنراه يذكر عن الميدوب مثلاً الطقس التالي (ص204-205): "أما الأهالي في جبال ميدوب فإنهم يذهبون إلى الصخرة المقدسة لتنصيب ملكهم الجديد و يذبح كاهنهم ضحية و يرسم بدمها إشارة صليب على جبهة الملك و على الصخرة ثم يقوم الملك الجديد بنفس الحركة على جبينه و على الصخرة.
و إذا حان موسم الأمطار يصعد الملك إلى تل مع وفد من الأهالي و يذبحون عنزة في قريتهم الكبرى التي تدعى (تورتي)، و بعد تنظيف (القربة) يملؤونها ماء يستقونها من عين اسمها (أنويرو) لا من عين أخرى، ثم يحملون القربة إلى الملك، يأخذ الملك قليلاً من الماء في كوب و يحمله بموكب مهيب إلى كوخ (قطية) تحفظ فيها (النقارة) المقدسة و يكرر في طريقه هذا الدعاء: "ليمنحنا الله المطر، يا رب جد علينا بأمطار غزيرة"، و يرش الطريق بالماء، و عندما يصل إلى الكوخ يدور حوله و يرشه بالماء ثم يفتح الكوخ و يخرج النقارة و يضعها على فروة و يرشها بالماء ثم يعيدها إلى مكانها، في تلك الليلة ينام الملك و أتباعه بجوار الكوخ و يرش الملك جميع الحاضرين بالماء و وجوههم نحو المشرق، و إذا بقي شيء من الماء يوزع على من في بيوتهم مرضى أو يمسحونهم بالماء على وجوههم، ثم يعود الموكب من التل إلى القرية و يعتقد الأهالي أن هذه الرتبة ستأتي بالأمطار لا محالة.
و ذكرنا سابقاً ما كتب سليم الأسواني عن (الأحديين) الذين قابل بعضهم في دنقلا (حوالي سنة 970م)، و أنهم وصفوا له الطقوس التي يقومون بها في "بلادهم على بعد ثلاثة أهله" غرب دنقلا و هم على يقين من أن تلك الصلوات على قمة التلال تنزل المطر بلا شك، و هنا نجد أهل جبال ميدوب يقومون بطقوس مماثلة في عصرنا، و لذلك نرى أن (الأحديين) الذين تحدث عنهم الأسواني هم على الأرجح أهالي ميدوب أنفسهم –أو قبيلة قريبة منهم- و يعم عند أهل ميدوب الاعتقاد أن أجدادهم قدموا من دنقلا إلى موطنهم الحالي.
و نلفت نظر القارئ الكريم إلى أن مثل هذه الطقوس لطلب الأمطار كانت و مازالت موجودة عند المسيحيين في كثير من الأقطار، و بعد هطول الأمطار الأولى يكرر أهل ميدوب هذه الرتبة، و أما النقارة المقدسة فيجددون جلدها و يحفظون الجلد القديم لمدة سنة واحدة ثم يحرقونه، أما الكنيسة الكاثوليكية منذ أقدم العصور فتجدد الزيوت المقدسة يوم خميس الأسرار و تحرق ما بقي من الزيوت القديمة". ا.هـ.
و قد أشرنا سابقاً لصلة تربط بين الميدوب في دارفور، و النوبة الشماليين القاطنين على نهر النيل، و تشترك معهم عناصر نوبية أخرى تقطن جبل الحرازة في شمال إقليم كردفان، الذي يحتل موقعاً وسطاً بين المناطق الواقعة على نهر النيل و إقليم دارفور فكان الشمال الكردفاني بمثابة محطة للعبور من دنقلة و إلى دارفور و العكس صحيح، عندئذ نجد عناصر تتواجد في كردفان، تشترك في الأصل مع نوبة دنقلة شرقاً و نوبة دارفور غرباً، و نجد مثل تلك الآراء عند هارولد ماكمايكل صاحب كتاب History of Arabs in the Sudan، إذ يقول (1/28):
Now it is certain that in past centuries Danagla from the Nile have settled at el Haraza, and fresh colonies have joined the older ones within recent years. It is also believed by the people of Gebel Midob in Darfur, about 140 miles west of the Wadi el Melik, that their ancestors were Mahass and Danagla from the Nile, and, as Professor Seligman has pointed out, there are very close linguistic resemblances between a list of their numerals which I collected in 1912 and those of the Barabra on the river.
و معنى النص السابق أنه: "من المؤكد أن دناقلة في القرون الماضية من نهر النيل قد استقروا في الحرازة ( في كردفان )، ومستعمرات جديدة نشأت و انضمت إلى القديمة في السنوات اللاحقة. كما يعتقد سكان جبل ميدوب في دارفور، الواقع على بعد حوالي 140 ميلاً إلى الغرب من وادي الملك –الذي يصب في النيل عند منطقة الدبة جنوبي دنقلة-، أن أسلافهم كانوا من المحس و الدناقلة القاطنين على نهر النيل، و كما أشار البروفيسور سليغمان إلى أن هناك تشابهاً لغوياً وثيقاً جداً بين قائمة من الأرقام الخاصة بهم والتي جمعها ماكمايكل عام 1912م، وتلك التابعة للبرابرة على النهر".
و مصداقاً لمسألة التشابه اللغوي التي أشار إليها ماكمايكل بين الميدوب و البرابرة، فإن صاحب العينة عدد لنا بعض الكلمات التي تتشابه بين لغة الميدوب و لغة الدناقلة النوبية، في دلالة على وجود صلة بين الدناقلة و الميدوب.
يذكر ماكمايكل في كيفية وصول الميدوب إلى منطقتهم الحالية و طريق هجرتهم فيقول (28-29): Emigrant Barabra may have reached Gebel Midob by way of el Haraza and Kaga, or more probably by way of the Wadi el Melik. But if Barabra from Korti and Debba, which are between the third and fourth cataracts and only a few miles from the pyramids of Barkal, could settle at el Haraza, as we know they did, and at Midob, as we may be fairly sure they did, there is no reason to deny the probability of corresponding movements along the same lines in the opposite direction at other times, and I am strongly inclined to think that the Nobatae were once lords of the Bayuda and the country south of it and that their negro ancestors may have previously ousted the Libyan races therefrom, or, more probably, become fused with them in race.
إن البرابرة المهاجرين ( النوبة ) ربما وصلوا لجبل ميدوب عن طريق الحرازة و كاجا -في شمال كردفان-، و يحتمل سلوكهم وادي الملك -الذي يقطع أرجاء من شمال كردفان أيضاً-، و إذا ما علمنا أن البرابرة –سكان النيل- من كورتي و الدبة ما بين الشلال الثالث و الرابع على بعد أميال محدودة من أهرامات البركل، و أنهم قد استقروا في الحرازة كما هو معلوم لدينا، و أيضاً في منطقة الميدوب كما نعلم ذلك بشكل ما، فإنه لا سبب لدينا لنفي وجود احتمال حركات مماثلة على نفس الخطوط و لكن بشكل معاكس في أزمان أخرى، و أنني أميل إلى أن النوباط كانوا في زمان ما أسياداً على صحراء بيوضة و المنطقة جنوبها، و أن أسلافهم الزنوج قد طردوا في وقت سابق العناصر الليبية من هناك، و ربما أنهم انصهروا معهم. ا.هـ.
أما النوباط -أو النوبات في تسمية أخرى- الذين ذكرهم ماكمايكل، فلقد ذكرناهم في موضوع ملوك دنقلة و قلنا أنهم شعب قديم قطن أرجاء غربية من النيل في جهات واحات الخارجة –التي تقع اليوم جنوب مصر-، و قد أنشؤوا مملكة نوباطيا و التي أصبحت في زمان لاحق جزءاً من مملكة المقرة النوبية الشمالية، ليصبح مليكها حاملاً للقب نائب الملك المقري، أو أبرخص نوباطيا و غير ذلك من تسميات مررنا عليها سابقا.
و يقول د. بركات الحواتي: "ويشير المؤرخون كذلك مثل بروكوبيوس "545م" وغيره من الباحثين السريان إلى مجموعة أخرى، استقرت في الرقعة –النوبية-، دخلتها من واحات شمال أفريقيا، بالتحديد من الواحة الخارجة، عرفت باسم النوباط عندما قام الإمبراطور الروماني دقلد يانوس "204 ـ 305م" بتهجيرها من موطنها من الواحات الغربية "الخارجة" لتسكن في المنطقة الواقعة جنوب الشلال الأول، لتكون حاجزاً بشرياً يؤمن حدود مصر الجنوبية". ا.هـ. (انظر: مقالة "إنسان الرقعة" - دراسات في الذاتية السودانية، د. بركات موسى الحواتي )
و نجد عند المؤرخ و الخبير بالتاريخ السوداني القديم د. أحمد إلياس حسين ذات الأمر في الربط بين النوباط –أو النوبات-، أهل النوبة السفلى، و سكان المناطق الغربية من النيل، و منها الواحات الخارجة، إذ يقول عنهم: "وقد اتفق المؤرخون أن النوباتيين أتوا من الصحراء الغربية سواء من منطقة الواحة الخارجة المقابلة لصعيد مصر شمال غربي مدينة أسوان، أو من المناطق الصحراوية الواقعة جنوبيها. ويرى بدج كما ذكر ماكمايكل (ج 1 ص 25) أن النوباتي قبيلة بدوية قوية، كان موطنها الأصلي في القرن الثالث الميلادي كردفان ودارفور، وعندما استدعاهم الرومان كانوا قد انتشروا شمالاً حتى الواحة الخارجة. فهم بذلك نفس سلالة النوبا الذين رأينا وجودهم في منطقة كردفان ودارفور قبل القرن الثالث قبل الميلاد، ويحملون نفس الاسم تقريباً. وهم نفس سلالة النوبا الذين انتشروا في مملكة مروي كما في نقش عيزانا.
ويبدو انتشار قبيلة النوباتيين على طول المنطقة ما بين كردفان ودارفور والواحة الخارجة مقبولا، أولاً لأن اسم النوباتي أو النوبا هو اسم عام يضم سكان المنطقة كلها فيصدق على القبائل في دارفور أو كردفان أو المناطق الشمالية حتى الواحة الخارجة. وثانياً كانت تلك المناطق في ذلك الوقت لا تزال تتمتع بقدر معقول من المطر والمياه الجوفية والسطحية مما وفر وسائل الحياة والتجول. وثالثاً لا تزال صلات سكان النيل حتى العصر الحديث قوية بالمناطق الغربية ويتضح ذلك في تراث بعض القبائل في المنطقة والذي ربط تحركاتهم من النيل مثل تراث قبائل القرعان والتبو والتنجر." ا.هـ. (انظر: سلسلة "حول أصول سكان السودان"، د. أحمد الياس حسين، حلقة 14، صحيفة سودانايل الإلكترونية).
و عودة لإفادة ماكمايكل الأخيرة عن هجرات البرابرة ما بين دنقلة و دارفور مروراً بكردفان، فهي تذكرنا بما قلناه سابقاً في موضوع ملوك دنقلة، إذ ذكرنا أنه:"وجدت علاقة قديمة بين نوبة النيل، و بعض سكان واحات الصحراء غرب النيل، تمثلت في نزوح نوبة النيل باتجاه الصحراء غرب دنقلة في حالات الحرب، و من جانب آخر، فقد وجدت علاقة أقدم تمثلت في أن أصل قسم كبير من النوبة سكان النيل إنما يرجع للمناطق غربي النيل، فهي إذن علاقة ذات اتجاهين تمتد منذ أقدم العصور و حتى نهاية الممالك النوبية على النيل." و كانت تلك الفقرة تحديداً في وصف كيف أن أسلاف آل كشكش قد اتجهوا غرباً لما هزمت جيوشهم، و قتل ملكهم عبد الله نشلي برشنبو، على اعتبار أن المنطقة الواقعة غرب النيل كانت تشكل عمقاً استراتيجياً للنوبة، يلجؤون إليها في مرات عند نشوب الحروب و النزاعات، و قد دللنا على ذلك من خلال بعض الحوادث المذكورة في كتب التاريخ. و يذكر العالم بالتاريخ النوبي و الخبير الأثري د. أسامة عبد الرحمن النور في ذات الشأن: "ليس مستبعداً أن يكون أفراد الأسرة المالكة هروباً من الأعداء وجدوا مع القيادات المقربة منهم ملجأ آمناً في مكان ما إلى الغرب من النيل في شمال كردفان أو حتى دارفور. مثل تلك الفرضية كان قد تمَّ طرحها من قبل آركل محاولاً تدعيمها بالرجوع إلى بعض التقاليد والتحدارات الشفهية المتوارثة لدى بعض المجموعات الإثنية في تلك المناطق النائية عن مروي والتي تشير إلى أنهم أتوا إلى مكان إقامتهم الحالي بقيادة ملكة تم دفنها في مقبرة تلية ضخمة في جبل كبويَّة. في شمال كردفان تم الكشف عن مخربش كتب باللغة النوبية القديمة بأحرف إغريقية ورد فيه ذكر كوش، وهو ما يؤكد على أن ذكرى كوش لم تتلاش حتى بعد انهيار مروي. وفي أبى سفيان وجدت أواني من النوع المميز لمصر في عصر البطالسة وبقايا مبانٍٍ لما يحتمل أن يكون أطلال هرم شيد بالطوب غير المحروق. وجدت أطلال أخرى في وادي الملك في زنكور". ا.هـ. (انظر: مجلة الآثار السودانية (أركماني)، العدد الأول، أغسطس 2001، حلقة: رؤية مجددة في تاريخ كوش الثقافي – 8) فإذن و من خلال ما استعرضناه من خلال النصوص و النقولات أعلاه، نجد أن الميدوب يمثلون فرعاً أساسياً للنوبة سكان السودان الشمالي القدامى، و لا يزال الوجدان الداخلي و نفسية الميدوب ترنو لتلك الصلة في دلالة على عمق العلاقة التاريخية بينهم و بين نوبة النيل شرق بلادهم.
و نرى مؤرخين آخرين من العرب المسلمين قد ذكروا بعض مدن النوبة الغربية و أخبارهم، و منهم ابن حوقل، و الإدريسي، و ابن سعيد الأندلسي، و الأخير ينقل عنه فانتيني في كتابه تاريخ المسيحية في الممالك النوبية القديمة (ص118): "و روى ابن سعيد الأندلسي السابق ذكره الكثير عن أخبار البلاد الواقعة غرب النوبة و علوة، و هي مناطق كردفان و دارفور و كانم و غيرها في تشاد، و أوضاعها الجغرافية إلا أننا نشك في دقة أخباره، و قد قال: "أن بعض أمراء النوبة قد هربوا من شاطئ النيل خوفاً من الباعوض و غيره من الحشرات المضرة بالإنسان و الحيوان إلى مناطق تاجوه و كانم و تملكوا فيها". و إذا صح هذا القول فإننا نستنتج منه الصلة القوية في بعض اللغات و العادات و التقاليد و الطقوس المشتركة في المناطق الغربية و المناطق النيلية و ربما يصير هذا الخبر و ما استنتجناه منه ضوء لمعرفة الكثير عن تاريخ بلاد النوبة النيلية و تاريخ بعض القبائل بدارفور". ا.هـ.
و يورد فانتيني بعض مظاهر تلك العادات و الطقوس المشتركة بين النوبة على النيل و بعض قبائل دارفور، فنراه يذكر عن الميدوب مثلاً الطقس التالي (ص204-205): "أما الأهالي في جبال ميدوب فإنهم يذهبون إلى الصخرة المقدسة لتنصيب ملكهم الجديد و يذبح كاهنهم ضحية و يرسم بدمها إشارة صليب على جبهة الملك و على الصخرة ثم يقوم الملك الجديد بنفس الحركة على جبينه و على الصخرة.
و إذا حان موسم الأمطار يصعد الملك إلى تل مع وفد من الأهالي و يذبحون عنزة في قريتهم الكبرى التي تدعى (تورتي)، و بعد تنظيف (القربة) يملؤونها ماء يستقونها من عين اسمها (أنويرو) لا من عين أخرى، ثم يحملون القربة إلى الملك، يأخذ الملك قليلاً من الماء في كوب و يحمله بموكب مهيب إلى كوخ (قطية) تحفظ فيها (النقارة) المقدسة و يكرر في طريقه هذا الدعاء: "ليمنحنا الله المطر، يا رب جد علينا بأمطار غزيرة"، و يرش الطريق بالماء، و عندما يصل إلى الكوخ يدور حوله و يرشه بالماء ثم يفتح الكوخ و يخرج النقارة و يضعها على فروة و يرشها بالماء ثم يعيدها إلى مكانها، في تلك الليلة ينام الملك و أتباعه بجوار الكوخ و يرش الملك جميع الحاضرين بالماء و وجوههم نحو المشرق، و إذا بقي شيء من الماء يوزع على من في بيوتهم مرضى أو يمسحونهم بالماء على وجوههم، ثم يعود الموكب من التل إلى القرية و يعتقد الأهالي أن هذه الرتبة ستأتي بالأمطار لا محالة.
و ذكرنا سابقاً ما كتب سليم الأسواني عن (الأحديين) الذين قابل بعضهم في دنقلا (حوالي سنة 970م)، و أنهم وصفوا له الطقوس التي يقومون بها في "بلادهم على بعد ثلاثة أهله" غرب دنقلا و هم على يقين من أن تلك الصلوات على قمة التلال تنزل المطر بلا شك، و هنا نجد أهل جبال ميدوب يقومون بطقوس مماثلة في عصرنا، و لذلك نرى أن (الأحديين) الذين تحدث عنهم الأسواني هم على الأرجح أهالي ميدوب أنفسهم –أو قبيلة قريبة منهم- و يعم عند أهل ميدوب الاعتقاد أن أجدادهم قدموا من دنقلا إلى موطنهم الحالي.
و نلفت نظر القارئ الكريم إلى أن مثل هذه الطقوس لطلب الأمطار كانت و مازالت موجودة عند المسيحيين في كثير من الأقطار، و بعد هطول الأمطار الأولى يكرر أهل ميدوب هذه الرتبة، و أما النقارة المقدسة فيجددون جلدها و يحفظون الجلد القديم لمدة سنة واحدة ثم يحرقونه، أما الكنيسة الكاثوليكية منذ أقدم العصور فتجدد الزيوت المقدسة يوم خميس الأسرار و تحرق ما بقي من الزيوت القديمة". ا.هـ.
sourceويكيبيديا - أحدث التغييرات [ar] http://ift.tt/1qUHm7Q
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق